Followers

Thursday, March 12, 2009

وعكة عاطفية ....

عندما نصاب بوعكة صحية تكون الأعراض واضحة لنا ولغيرنا ... وتتفاوت في حدتها حسب نوع المرض ما بين الوهن والحمى ... الإعياء والاقياء ... الرعشة والسكون ... التعرق والخمول ...الوعكة العاطفية لها نفس الأعراض .. ويكمن الفرق بينها وبين الوعكة الصحية إن أعراضها تتعمق وتفتك بالدواخل ... أكثر بكثير من تأثيرها الخارجي ...الوعكة العاطفية تصيبنا بوهن الروح وحمى الخيال ... تملأنا بإعياء الشك واقياء الغيرة ... تصيبنا برعدة الشوق وخوف الفراغ ... تجعلنا نتعرق المأ من إرهاصات النهاية بينما يصفعنا خمول الحواس المرافق للفراق ...

نحن نعيش زمن الوعكات العاطفية ... زمن العواطف المزيفة ... زمن اغتيال المشاعر الصادقة التي أصبحت مثل المخلوقات النادرة المهددة بالانقراض ... حتى بتنا نحتاج إلى محمية عاطفية يمنع فيها صيد المشاعر وجرح الأحاسيس .. محمية يتعايش فيها صخب أرواحنا مع شراسة رغباتنا مع تعقيدات همومنا وأسبقيات أولوياتنا .. مع كثافة مشاعرنا تجاه آخر .. واحتياجنا إليه ....نحتاج إلى محمية عاطفية تقينا خطر الصيد الجائر على أيدي راغبي متعة القتل لأجل القتل ...نحتاجها كي تكون هناك مساحة آمنة تكبر فيها المشاعر بلا خوف .. نحتاجها ... كي لا تنقرض عواطفنا ...

الوقوف ... في مهب جرح ...

عندما يذبح الطير ... يقدم أحلى رقصاته ... عندما ينحر الجمل ... يبكي آخر دمعاته التي تنحدر بكبرياء صامت ... وهي تلعن غدر النصل دون أن تفطن لليد الممسكة بالنصل ...عندما يقطف الورد ... يعلن طقوس احتضاره بمنحنا آخر دفقات عطره ... ففي حضرة الألم ... غالبية الأشياء تكتسب قداسة وترفعاً ..وعند الوقوف في مهب جرح .. ننسى من تسبب بجرحنا وننشغل عنه بألم الجرح ومحاولة تخطيه ...في دروب الحياة ... وخلف كل منعطف ... يوجد مهب جرح ... تعصف بنا ريحه وتجاهد لاقتلاعنا من كل الأشياء الجميلة التي نؤمن بها ... أحيانا يجاملنا القدر ويضع لنا علامات حتى وان كانت مبهمة عن احتمال وجود مهب جرح في طريق اخترنا أن نمشيه ...وكثيراً ما يمعن في القسوة .. ويمهد لنا درباً نظنه خالياً من العوائق ... فنسير فيه باندفاع عجول .. ليفاجئنا مهب الجرح في لحظة لم نتوقعها أبداً ...
مهبات الجروح أصبحت كثيرة لدرجة يصعب إحصائها ..وتنوعت ما بين : خيانة حبيب ... خذلان صديق ... موت أحلام ... انتحار أمنيات ... انهيار قيم ... تدحرج مثل ... الخ ... كثيراً ما فاجئني مهب جرح حيث لا أتوقعه ... وكادت ريحه أن تقتلعني ... كثيراً ما حاربت بضراوة كي لا أغلق الباب .. وأستريح .. إغلاق الباب في مهب جرح يعمقه ... ويزيد ألمه ...اعتدت أن افتح أبوابي عند وقوفي في مهبات الجروح ... اعرضها للهواء .. امنحها المزيد من الأوكسجين النقي ... علها تجف وتبرأ ...انتظرها بصبر حتى تلتئم .. ولا اجزع من الندبة التي تخلفها ... فكل ندبة هي علامة انتصار ... هي ذكرى جرح لم يستطع قتلي .. بل منحني الوقوف في مهبه مزيداً من القوة ...أيها الواقفون على مهبات الجروح ... كونوا أقوياء ... وتذكروا أن غالبية الأشياء تكتسب قداسة وترفعاً ... في حضرة الألم ...

إنكفاءة الصمت ...

يربطني عشق غريب مع كل ما هادئ ومنخفض ... خصوصاً الأصوات .. يزعجني الضوضاء .. يفزعني ... ويجعل خلايا عقلي ترتج ... عشقي للهدوء طال كل شئ حتى فصول السنة ومناخها ... بت اكره الصيف لأنه فصل الأصوات العالية والضجيج ... وأعشق الشتاء لأنه فصل السكون .. الضوضاء يلوث أذني .. يخنقها ... ويمنع عنها القدرة على التجاوب مع المحيط الذي يجاورها .. الصمت يمنحني سكينة وصفاء لا حدود لهما ...لذلك ... أمارس صمتي أمام كل الأشياء التي اعشقها .. وأعيش متعة ( صمت الرفقة ) مع أصدقائي الحميمين ... لان الصديق الحميم وحده من يفهم أن صمتي في وجوده هو تقدير لا حدود له ...مع الغرباء نفتعل كثير من الضجيج لنغطي جهلنا بهم وعدم قدرتنا على التعامل معهم إلا بوجود طرف ثالث يكون وسيطاً مهمته فتح قنوات التواصل وتسهيل إجراءات التعامل ...مع الأصدقاء ارفع شعار ( الوسطاء يمتنعون ) ... واختزل صخب العبارات في كلمة واحدة ... أو همسة ... أو صمت .. أدرك بان صديقي يفهمه ... ويقدره ...
اندهش من إحساس البعض بالغضب والاهانة أمام صمت احدهم في حضرته ... كأَن الكلام قد أصبح دليل محبة واحترام !! ....في زماننا هذا ... يتسابق الكل لإصدار أعلى الأصوات وملء الكون ضجيجاً صاخباً ... ويتساوى في ذلك البشر والآلات .. في زماننا هذا ... أصبح الصمت عملة نادرة لا تجد من يقدرها حق قدرها ...فيا محبي الضجيج والأصوات العالية .. جربوا متعة الهمس .. والصمت في حضرة بعض الأشياء .. لتكتشفوا بهجتها ...

Wednesday, March 11, 2009

عندما تخمد الحرائق الكبيرة ...على عجل ...

للنار شهوة لانهائية للافتراس والقتل والتدمير ... وللهب جوع دائم ومريض ...عند إندلاع الحرائق الكبير .. يهب الجميع لإطفائها على عجل ... ويصبح الصراع بين الماء والنار لعبة حياة أو موت ... لا تنتهي إلا بفناء احد الطرفين مخلفاً وراءه خسائر عنيدة ... ومفضوحة ..في حموة القتال بين أصل كل شئ واصل الشياطين ... تصبح العجلة هي ديدن الطرفين .. وغالبا ما تكون الغلبة لأصل الأشياء ... ففي النهاية ... النار ان لم تجد ما تاكله تاكل نفسها .. حتى تفنى فيها ... تعجل الماء لإنهاء الصراع قد يؤدي به إلى إغفال جمرة صغيرة توارت بسؤ نية مبيت بانتظار هذه الفرصة .. وفي لحظة غفلة نبتت من بطن احساس النصر الكاذب ... تعيد نفخ روحها الخبيثة وتعاود الاشتعال في محاولة لإشباع جوعها الملعون ... وهكذا تستمر الحرب بين الماء والنار إلى ما لا نهاية ...
نحن البشر أيضاً لنا حرائقنا التي تشتعل بداخلنا ونعجز أحياناً في السيطرة عليها ...ولا يكون أمامنا سوى خيارين ..إما أن نتركها تقضي على الأخضر واليابس وتحيلنا إلى بقايا مدمرة وحطام اسود لا يصلح لشئ ..أو نحاول إخمادها على عجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتلافياً للخسائر ... دون أن ننتبه لتلك الجمرة الصغيرة المتوارية بخبث تحت الأنقاض ..الأذكياء فقط هم من يطفئون نارهم بتؤدة .. ويعاملونها بما يليق بها من حرص حتى يامنوا غدرها .. كل الحرائق لابد وان تطفأ على مهل .. وخصوصاً حرائق الغرائز ..إطفاء غريزة الجوع على عجل يضعنا في مرتبة اقل من الحيوان ... لأننا نأكل دون أن نعي ما نأكله ..لا نتوقف عند مذاق أو نكهة .. ولا يهمنا مظهر أو محتوى ... وعندما نظن أننا وصلنا إلى الشبع .. نخطئ في ظننا ... فما وصلنا إليه لا يكون إلا تخمة كاذبة .. وتظل جمرة الجوع الخبيثة متوارية ومتقدة .. ومستعدة لإشعال النار من جديد ...إطفاء غريزة الجنس على عجل .. يورثنا الإحباط والرفض والألم ... ومزيد من الجوع الذي يتوق للوصول إلى نقطة نحسها حتى نكاد نلمسها ... ثم نجد أنفسنا ابعد ما نكون عنها ... فالجنس كالأكل .. يحتاج إلى تأن وتمهل حتى نستطيع التمتع بالمذاق والنكهة المتفردة قبل الوصول إلى مرحلة الشبع ...
غريزة الحياة نفسها ... يجب أن تطفأ كل مرحلة منها ببطء ... كل مرحلة يجب ان تعاش بعمق متمهل ... مع تفادي محاولات القفز بزانة العمر من مرحلة إلى أخرى الى الامام او في الاتجاه المعاكس في سباق حميم للفوز بكل المتع ... كل مرحلة يجب أن يطفأ لهيبها بماء الحكمة الذي يحارب لهب التسرع والغباء ويخمد نار الغضب والحقد والغيرة والكراهية .. فلنتاكد من اطفاء جذوة كل مرحلة بما يليق بها .. والانتباه لتلك الجمرة الصغيرة المتوارية التي تسعى لاشعال نار الفتنة بين الواقع والأمنيات ...إذن ... فلنطفئ حرائقنا الكبيرة على مهل ... بلا استعجال .. حتى نأمن غدر اللهب ومكره ...

** صفقــة مــع غيمــة ...


ذات عمر .. وبينما كنت افترش الأرض بزهد مريح ... وأتأمل السماء بصمت مبهور ... طالعتني غيمة
كانت بيضاء كندف ثلج تآمر مع لونه لتكدير صفو الزرقة التي تحيط به .. كانت موحية .. غامضة ... متحدية ... مبهجة .. متعرجة كثنايا الروح ... مأخوذة بنفسها عما حولها .. مغرورة بجمالها ..
أسرتني بسحرها .. وطفقت أتابع بتركيز حركاتها المتموجة ...
وفجأة .. بدأت تتحول إلى ملامح وجه أكاد اعرفه .. وجه يبتسم لي بالفة وحنان وعيناه تغمزانني بشقاوة ..
وجه يدعوني لحبه ...
بادلتها الابتسام ... والحب ...
فتحت لها قلبي المتعب .. وأخبرتها بكل أسراري ... ترافقنا لزمن طويل ... وعندما حان وقت الفراق طلبت منها أن نعقد صفقة ...
سألتها أن تصبح صديقتي المفضلة .. وان لا تتخلى عني أبداً ...
طالبتها أن تعود لتراني كل يوم في نفس الزمان والمكان .. تمنيت عليها أن تخصني وحدي برزازها ...
وعدتها أن التزم بالحضور يومياً لرؤيتها والتسامر معها ... وبأنني سوف احمل لها كل يوم سراً جديداً ...
وافترقنا على وعد اللقاء ...
في اليوم التالي ... انتظرت طويلاً .. لكنها أخلفت وعدها لي ...
التمست لها الأعذار ... ربما تأخرت في الطريق ... ربما عاندتها الريح ... ربما ... وربما ...
وعلى وقع الأعذار ظللت أدوام على الحضور يومياً إلى نفس المكان ... وفي نفس الزمان ...
لكنها لم تحضر قط ...
زارتني مئات الغيمات .. إلا هي ... وهطلت على وجهي آلاف القطرات .. ولم تكن منها ...
فانا اعرف غيمتي جيداً .. واستطيع أن أميزها من بين ملايين الغيمات ...
غضبت ... تألمت ... بكيت ... ثم وعيت الدرس ...
أدركت أن عقد صفقة مع غيمة ومحاولة احتجازها بدعوى الصداقة أو حتى الحب ... هو قمة الغباء ...
الغيمة وحدها هي التي تقرر أين ومتى .. وعلى من ستصب رزازها ...
ومن بعدها ... اعتزلت مصادقة الغيوم ...
وبت اعاتب رزاز كل المطر
...

** وعكــة عـاطفيــة


عندما نصاب بوعكة صحية تكون الأعراض واضحة لنا ولغيرنا ... وتتفاوت في حدتها حسب نوع المرض ما بين الوهن والحمى ... الإعياء والاقياء ... الرعشة والسكون ... التعرق والخمول ...
الوعكة العاطفية لها نفس الأعراض .. ويكمن الفرق بينها وبين الوعكة الصحية إن أعراضها تتعمق وتفتك بالدواخل ... أكثر بكثير من تأثيرها الخارجي ...
الوعكة العاطفية تصيبنا بوهن الروح وحمى الخيال ... تملأنا بإعياء الشك واقياء الغيرة ... تصيبنا برعدة الشوق وخوف الفراغ ... تجعلنا نتعرق المأ من إرهاصات النهاية بينما يصفعنا خمول الحواس المرافق للفراق ...
نحن نعيش زمن الوعكات العاطفية ... زمن العواطف المزيفة ... زمن اغتيال المشاعر الصادقة التي أصبحت مثل المخلوقات النادرة المهددة بالانقراض ... حتى بتنا نحتاج إلى محمية عاطفية يمنع فيها صيد المشاعر وجرح الأحاسيس .. محمية يتعايش فيها صخب أرواحنا مع شراسة رغباتنا مع تعقيدات همومنا وأسبقيات أولوياتنا .. مع كثافة مشاعرنا تجاه آخر .. واحتياجنا إليه ....
نحتاج إلى محمية عاطفية تقينا خطر الصيد الجائر على أيدي راغبي متعة القتل لأجل القتل ...
نحتاجها كي تكون هناك مساحة آمنة تكبر فيها المشاعر بلا خوف ..
نحتاجها ... كي لا تنقرض عواطفنا ...