Followers

Sunday, July 23, 2006

هذيان امراة تقطن خيمة برفقة صديق خيالي

بدء الهذيان
منذ زمن بعيد كنت تائهة وسط صحراء قاحلة .. على مد البصر رمل وشمس وفراغ ...
كنت اطارد سراب الامان فياخذني بعيداً عن مكاني الى مكان شبيه بنفس المكان ...
كلّت قدماي .. جفّ ريقي .. وبدا دبيب الموت يزحف نحوي باصرار مقيت ...
نظرت بكل الاتجاهات ابحث عن رائحة ظل او قطرة ماء ...
ومن بعيد تراءى لي خيال خيمة .. حسبته سراب آخر يناديني فاخطو الى الفراغ ..
ومن بين وهن افكاري .. تساندت خطاي على احتمال وجود الحقيقة خلف السراب ..
يا الهي .. يا رحيم .. يا كريم ..انه ليس سرابا .. انها خيمة منصوبة في عمق الصحراء .. تعصف الريح باطرافها .. ولكن هناك يد قوية تمسك بالحبال وتمنعها من التفكك ...اصابني الذهول .. والفضول .. خيمة في وسط الريح وكيان وحيد ساكن فيها يقاوم الاقتلاع ؟؟
جررت روحي الجالسة على تخوم البلادة والضجر ..
ومددت راسي لافاجأ بمخلوق يحمل سمرة ابي وعيون توأمي الذي تركته آمناً يلهو بالكلمات في احدى حجيرات القلب ..ازعجه وجودي .. فقد بدا انه مستمتع بوحدته وصراعه مع الرمل والريح ..
استأذنته الدخول .. فاذن لي .. سالته .. لما انت هنا ؟؟ سالني لما انت هنا ؟؟
اخبرته بانني في لحظة حزن قررت مخاصمة الصحبة فشددت رحالي الى عالم الوحدة ..
لكنني وجدتها مخيفة ... مؤلمة ... كئيبة ... دميمة .. حاقدة ..
لذا قررت ان اعود عالم الصحبة بكل ما فيه ومن فيه ..تجاورنا انا وصاحب الخيمة ...
تكلمنا .. اشعلنا نارا ..وجلسنا نستعيد ذكريات ما قبل الدخول الى خيمة الوحدة ...
كم هو جميل هذا الانسان قاطن الخيمة ... اعطاني حق الرفقة وازال عني وحشة الوحدة ...ايها الصديق الرائع .. اعطني يدك .. ولنبدا المسير من عالم الوجوم الى دنيا البشر ..
هم منا ونحن منهم ..
جزء آخر من الهذيان
يا توأم الوجع اتيتك اليوم متسربلة بعباءة التشتت المربوط بحزام الفوضى ..
اشتقتك صبحاً مبكراً لابثك شجني وخواطر مجنونة اتعبها طول البقاء بداخلي وتتوق للخلاص مني
لكن ... كيف الخلاص من لجة الحزن العميق ؟؟ كيف الخلاص من قانون الجاذبية البغيض ؟؟
هل يمكن لجسد يحمل كل اثقال روحي ان يخالف القانون ويطفو ؟؟
يا صديقي هل ادركت صعوبة الدوران حول محور ارتكاز النفس ؟؟
دائرة مغلقة استعصى محيطها على محاولات الخروج من مدارات التمني ..هل تفهم كلامي ؟؟
ان لم تفهم لن الومك ..فانا امر بحالة هذيان .. لماذا يملاني الفراغ ؟؟..
وكيف اخترق جدار الصمت عن المسكوت والممنوع والمرغوب ..هل اتوقف عن استلاب الاحلام ؟؟
اذن كيف اعيش ؟؟
لقد نسجت كياني بخيوط العزلة كي اتفادى الوأد على ايدي القانطين من ولادتي كامراة ..آه كم احس بالضجر .. بالملل .. اقتلني كي تخرجني من هذه الرتابة .. ربما يعيد لي لون دمي الاحمر المسفوح رغبتي في تذوق بقية الالوان ..
ما زلت اهذي .. يرتعش جسدي خوفاً من مغادرة الحمى .. فهي الوحيدة التي تعطيني حق الكلام بدون خوف الحساب .. فانا اهذي .. اهذي .. اهذي ... وما اجمل الهذيان ...
هذياني يحميني من كبت الجنون .. ومقارعة الخيال المريض بحجة التعقّل ...
حبة رمل دخلت عيني .. لون دموعي اسود ؟؟
لماذا اسود فانا هجرت الكحل منذ زمان ..
اعطني يدك لامسح دموعي .. يداي مغلولتان بجانبي .. ممسكة بحبال الخيمة خوف هبوب الريح واقتلاع الملجا...
برغم كل شئ ما زلت تحت الخيمة اتجاوز معطيات الخروج لابقى ..
هئ .. هئ .. هئ ... زالت الحمى .. ساتوقف عن الكلام ...
عاودني حنين الامل .. وما زلت اهذي
ايها النديّ ...هل جربّت يوماً رقصة التداعي ؟؟!! ...
انها رقصة غريبة .. محيرة .. تبدا بخطوات خفيفة تدور في دائرة صغيرة تمنحك شعوراً مزيفاً بالامان ..
وفي غفلة منك تتسع الدائرة ... وتتسع ... وتتسع .. وانت غاف بسكون بين احضان الشريك ...
وفجأة تجد انك قد وصلت الى حافة دوامة عميقة تجرّك بعنف وقد فات اوان التراجع ...
دوامة وقحة .. تمتص كل شئ فيك وتجعله يدور حول فلك روحك المجهدة من عناء التمسّك باذيال البقاء ...
تمد يدك لتصطدم بريح صرصر عاصف ... عندها فقط تدرك بانك قد وصلت الى لحظة السقوط في عمق الدوامة ..
واذا بيدك مملؤة بخيوط العنكبوت ... وبقايا حلم .. وبعض سراب ...عندما تستقر في العمق تبدا باكتشاف عالم مثير ... اسواره العزلة .. وحدوده كيان آخر تتأمله بدهشة ..كيف وصل الى هنا ؟؟!! ...
وعندما تمعن النظر .. تكتشف انه شريكك في رقصة التداعي ...
يكون عزاءك بانك لم تسقط وحدك .. وان التداعي كان مصيركما معاً ...
يا صديقي ...احياناً تصبح امنياتنا حلماً مستحيلاً ...ولكن هل ادركت بان اصعب الاحلام .. اجملها ؟؟!! ...
فهي تاتينا مشبعة بالنور والضياء .. ملونة بالوان قوس قزح ...محاربة ... تحمل سيف الالفة لتطارد به شبح الوحشة والوحدة .. وتشق به جدار العزلة الذي بنيناه بمحض اختيارنا ...
احلامنا تاتينا مهمومة بنا .. رقيقة رفيقة .. تبحث عن اسباب سعادتنا التي تعمدنّا الهروب منها ...
احلامنا .. سواء ان كانت جمجمة وفك علوي .. او آخر تم تصنيفه في خانة المستحيل لاسباب لا نملك دفعها ..تظل هي عنصر النار الذي يبقي جذوة الحياة بداخلنا مشتعلة ...
اذن .. لاتطفئ حلمك ... احمله معك في كل مكان ..اجعله انيسك وجليسك وسط الخيمة في عمق الصحراء ..
باحلامنا تسكن الرياح ... ويهرب البرد ... بها نبتسم ونلهو ... بها نعيش ونتنفس ...
يا صديقي كن حالماً مثلي .. قد ياتي يوم ويصبح الحلم واقعاً ...
وعندها فقط .. يفارقنا الندم على وقت امضيناه ونحن نحلم .. وظنناه وقت ضائع ..
فاذا به يصبح مرادفاً للوجود ...وما زلت امسك بحبال الخيمة بكل قواي ...

No comments: