Followers

Friday, February 27, 2009

اشياء مبعثرة



أحـــاســــيس .. معــبـــــأة ...

كان يا ما كان .. في قديم الزمان ... وسالف العصر والاوان .. عادة تدعى كتابة الرسائل .. كانت تتم في ورق ابيض او ملون ...سادة او مسطّر ... بقلم اسود او احمر او ازرق ... في باطنها تتشكل مشاعر واحاسيس لتصبح كلمات ... كلمات تتمتع بخصوصية فريدة .. وتحمل ملامح من كتبها ...أحبك ...أشتاق إليك ..انا غاضب منك ... انا حزين .. انا في قمة السعادة ...كلمات تتحول من مجرد طبعة حبر على سطح املس .. الى ابتسامة .. او ضحكة .. او حتى تقطيبة و دمعة ...اجمل ما في الرسالة انها تطوى .. تحفظ في مكان امين .. واثناء طيها .. تطوى معها المشاعر التي ولدّتها لحظة قراءتها ... بمرور الزمن .. تتعتق تلك المشاعر .. وتصبح لها رائحة .. وطعم .. يأتينا على عجل ما ان نعيد فض الورقة ... في الزمن الحاضر .. اصبحنا نعبر عن مشاعرنا ببطاقات مليئة بالكلمات الجاهزة ..ضغطة زر من فارة الكمبيوتر تعطيك الاف المواقع المتخصصة .. بطاقات معايدة .. بطاقات تعزية .. بطاقات تهنئة .. بطاقات مكتوبة بواسطة شخص غيرك ترسلها لمن تحب وتعبر له عن حبك وشوقك !!..
انه زمن زمن المشاعر المعبأة في بطاقات .. ومرسلة عن طريق رسالة هاتفية قصيرة ...احاسيس (Ready Made) ...نظيفة .. لم تختبر معنى الاتساخ ببقع الحبر من قلم تعاطف مع الحرف حتى ادماه فسكب قطراته في اصابع مرتعشة من اللهفة او الخوف او الالم او الوجد ...انه زمن الاحاسيس ( العابرة ) للمدن والقارات .. ففي صباح مميز ... تقرر ارسال رسالة نصية من هاتفك الى شخص مقرب اليك .. تكتبها بمشاعرك لتعبر بها عن احساس خاص ... من استلم رسالتك يعجبه فحواها .. وبلا تفكير يعيد ارسالها الى آخر .. في بلد آخر ... و الذي بدوره قد يعيد ارسالها الى آخرين ... في بلاد اخرى ...وتفاجأ بعد ايام برسالتك تعود اليك من شخص غير الذي ارسلتها له !!! ... فلا تملك الا ان تتساءل : هل احس كل من استلم هذه الرسالة باحساسك لحظة كتابتها ؟؟!! .. ولا تملك الا ان تحزن لان الرسالة التي اردت لها ان تكون خاصة .. قد تحولت الى احساس معلّب .. يتم تداوله بكل بلادة ...
هل انتهى زمن كتابة الرسائل ؟؟!! ربما لا .. بدليل وجود المؤسسات البريدية في كل مكان .. عن نفسي .. لم اجلس منذ زمن طويل لكتابة رسالة ... ليس عزوفا من جانبي .. ولكن خوفا من تعليقات مستلم الرسالة من شاكلة : لا حولا .. انتي لسة من زمن الجوابات ؟؟ ياخي انتي قديمة خلاص .. ما سمعتي باختراع اسمو بريد الكتروني ؟؟ رسائل نصية قصيرة .. دي حتى اسرع واوفر ...نعم سمعت بالبريد الاكتروني .. وكل يوم ارسل وأستقبل الرسائل النصية القصيرة على هاتفي ... لكن ...المشكلة أنني لا أجد فيهم عبق الورق المحمل بروائح من احبهم ... لا ابتسم وانا اقرا الخط المائل لاحدى صديقاتي .. او انتشئ باناقة خط الاخرى ... لا استطيع الاحتفاظ بهم لعشرين سنة قادمة حتى لو احببت .. حتى لو قمت بطباعتها .. لن تكون الرائحة نفسها .. ولا الخصوصية نفسها .. وسوف تصبح عينة اخرى من الاحاسيس المعبأة ...كم تشتاق يداي لملمس مظروف ياتيني عن طريق البريد .. افضه بفرح .. اقراه بنهم .. استنشق رائحته بشوق ... اتفاعل مع ما فيه بكل جوارحي .. عندما انتهي .. احفظه في مكان امين .. لاعود اليه حين حنين ...

No comments: